.%5B4%5D.png)
| أكاديمية دراسات اللاجئين |
فريق التحرير – قسم التواصل والإعلام
الشيخ جراح أحد الأحياء المقدسية في فلسطين المحتلة يتبع بشكل مباشر لمدينة القدس، ويقع في الجانب الشرقي لمدينة القدس وهو تحت الاحتلال منذ عام 1967، حيث يعاني أهالي الشيخ جراح كثيراً من ممارسات الصهاينة ويعيش أهله الأمرين من قبل الاحتلال.
من أين بدأت حكاية هذا الحي؟
بدأت حكاية أهالي حي الشيخ جراح المقدسي إثر النكبة عام 1948 عقب التهجير الأول الذي تعرضوا له آنذاك، وفي العام 1956 استقرت ثمانٍ وعشرون عائلة ضمن هذا الحي المقدسي "حي الشيخ جراح" إبّان الحكم الأردني للضفة الغربية حين عقدت وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية اتفاقية مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لإنشاء 28 وحدة سكنية لهم هناك، ظناً منهم أنه سيكون اللجوء الأخير بالنسبة لهم.
لتبدأ بعد ذلك المعاناة إثر النكسة وتستمر حتى يومنا هذا فالعشرات من العائلات الفلسطينية ضمن هذا الحي باتت مهددة بالطرد من منازلها على يد جنود الاحتلال، منذ العام 1967 -بعد احتلال المدينة- وتكافح هذه العائلات الجمعيات الاستيطانية وتواجه أطماعهم من خلال المثول أمام محاكم الاحتلال لوقف أطماع المستوطنين في منازلهم بهدف منع تهجيرهم من منازلهم.
في الكثير من الأحيان انتظرت هذه العوائل صدور قرار محكمة الاحتلال "العليا" بخصوص التماس كانت قد قدمته 4 عائلات بمواجهة الأحكام الخاصة بطردها من منازلها، وللأسف كان هذا القرار لصالح المستوطنين، حيث كانت العائلات قد تحدثت عن صراعها الطويل الذي استمر في أروقة محاكم الاحتلال لأعوام عديدة قد انتهى بكل بساطة، وتخشى بقية العائلات المقدسية أن تلاقي المصير ذاته كما أوضح أحد الأشخاص لوسائل الإعلام أن جل ما نخشاه هو اللجوء للمرة الثانية.
عند بداية الأمر كان عدد هذه العائلات 28 عائلة استقرت ضمن حي الشيخ جراح عام 1956، حين عقدت اتفاقيات مع الأهالي لإقامة مساكن لهم في الحي، وتعهدت بموجب الاتفاقيات أن يتم تفويض ملكية الوحدات السكنية وتسجيلها بأسمائهم.
منذ النكسة وحتى محاولة التهجير الحالية
خلال العام 1956 توصلت العائلات الـ28 وجلهم من الفلسطينيين الذين تعرضوا للقتل والتشريد عن منازلهم إثر نكبة فلسطين عام 1948 إلى اتفاق مع كل من وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" على العمل من أجل توفير مساكن لها ضمن حي الشيخ جراح في مدينة القدس، الضفة الغربية كانت تحت الحكم الأردني (1951-1967) والحكومة الأردنية قدمت الأرض المخصصة لبناء المنازل وتبرعت وكالة الغوث بتأمين تكاليف إنشاء 28 منزلاً، حيث تعاقدت وزارة الإنشاء والتعمير مع تلك العائلات الفلسطينية عام 1956 بشرط أن يستمر السكان بدفع أجرة رمزية على أن تنتقل الملكية لهم بانقضاء مدة ثلاث سنوات من تاريخ الانتهاء من أعمال البناء، إلا أن اشتعال نيران حرب يونيو/حزيران عام 1967 التي انتهت باحتلال الضفة الغربية بما فيها القدس أوقف تنفيد بنود العقد وحال دون متابعة تفويض الأرض لتسجيلها بأسماء العائلات.
تقدمت وزارة الخارجية الأردنية يوم الخميس الواقع في (29 أبريل/ 2021) بالإعلان عن مصادقتها على 14 اتفاقية، لتقوم بتسليمها لأهالي حي الشيخ جراح شرقي القدس عن طريق وزارة خارجية السلطة الفلسطينية، وهي عبارة عن وثائق جديدة يمكن أن تضاف إلى مجموعة الوثائق السابقة الممنوحة للجانب الفلسطيني خلال الفترة السابقة، والتي تؤكد ملكية أهالي الحي لأراضي المنازل وتثبت ممتلكاتهم.
كما صرحت الوزارة في بيان صادر عنها أنها منحت الأهالي شهادات تُؤكد أن وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية كانت قد عقدت منذ أعوام اتفاقية مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بخصوص إنشاء 28 وحدة سكنية ضمن حي الشيخ جراح المقدسي، وأبرمت عقوداً فردية مع الأهالي تلزم بإقامة مساكن لهم في الحي، وأنها أبدت التزامها بموجب العقود بتفويض ملكية الوحدات السكنية وتسجيلها بأسمائهم، إلا أن هذه الالتزامات توقفت نتيجةً لحرب 67 –النكسة- حيث إن عملية التفويض وتسجيل الملكية لم تكتمل.
وأوضحت وزارة الخارجية الأردنية إلى أنها أقدمت خلال وقت سابق على منح كافة الوثائق المتوفرة لديها للجانب الفلسطيني، هذه الوثائق يمكن أن تساعد المقدسيين في الحفاظ على جميع حقوقهم من عقود إيجار وكشوفات بأسماء المستفيدين ومراسلات بالإضافة إلى نسخة مطابقة لأصل من الاتفاقية مع منظمة مع الأونروا عام 1954.
تهجير أهالي الشيخ جراح 1972
يشير أحد سكان الحي أن معاناة الأهالي بدأت في العام 1972 في الوقت الذي زعمت لجنة طائفة السفارديم ولجنة كنيست اليهود (لجنة اليهود الأشكناز) إنهما أصحاب تلك الأرض التي شيدت عليها المنازل، وفي شهر يوليو/تموز من العام 1972 طلبت الجهتان من المحكمة إخلاء 4 عائلات من دورها في الحي بتهمة "الاعتداء على حقوق و أملاك الغير دون وجه حق"، إلا أن هذه العائلات قامت بتوكيل محام للدفاع عنها، وفي العام 1976 صدر حكم من المحاكم الاحتلال يؤكد أن العائلات الأربع قاطنة للمنازل بشكل قانوني استناداً لصلاحيات الحكومة الأردنية وأنها لم تتعدى على الأرض، لكنّ المحكمة قررت وبشكل مناقض أن الأرض تعود ملكيتها إلى الجمعيات الاستيطانية بحسب قرارات التسجيل الجديد المثبتة بدائرة الطابو (تسجيل الأراضي) لدولة الاحتلال دون العودة لبينة التسجيل الذي تم عام 1972.
خديعة عام 1982 من قبل محام خائن!
تعرض الأهالي عند بداية التسعينيات، إلى خديعة وخيانة على يد أحد المحامين اليهود عندما وكلوه للدفاع عنهم، لكن في العام 1982 أقدمت الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية على رفع دعوى إخلاء ضد 24 عائلة في حي الشيخ جراح، فوكلت 17 عائلة منهم محامٍ يهودي للدفاع عنها، فقد استمرت المعركة القانونية دون أن تتمكن تلك الجمعيات الاستيطانية من إثبات الملكية حتى عام 1991، لكن تم عقد صفقة جديدة اعترف بموجبها المحامي بالتوقيع نيابةً عن سكان الحي ودون أخذ موافقتهم أن ملكية تلك الأرض تعود للجمعيات الاستيطانية، هكذا تحول الأهالي في الحي من مالكين إلى مستأجرين يسري عليهم قانون حماية المستأجر.
وبحسب ما أوضحه الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين داخل القدس، فإن المحامي وَضَعَ العائلات الفلسطينية تحت المحك عندما جعل من إقامتهم مشروطة فهم تحت طائلة الإخلاء عند عدم دفعهم الإيجار لتلك الجمعيات الاستيطانية، هنا اكتشف الأهالي بأن الصفقة ما هي إلا مؤامرة حيكت ضدهم وسببت لهم المزيد من الضرر، فقد ثبتت الملكية للمستوطنين وعلى إثر ذلك امتنعت عن دفع العائلات للإيجار، في حين استمرت محاكم الاحتلال بالنظر في النزاعات القائمة بين الأهالي والجمعيات الاستيطانية.
دعوى مضادة تستند إلى الطابو العثماني
تقدم المواطن سليمان درويش حجازي خلال العام 1997 بدعوى إلى المحكمة المركزية للاحتلال أكد عن طريقها ملكيته للأرض التي أقيمت فوقها كافة منازل حي الشيخ جراح، مستنداً في إثبات ذلك الادعاء على أوراق الطابو والحجج العثمانية التي جلبها من تركيا، لكن المحكمة رفضت الدعوى التي أقامها حجازي خلال العام ٢٠٠٥على اعتبار أن الأوراق التي برهن ادعاءه من خلالها غير كافية لإثبات ملكيته للأرض، كما ردت المحكمة العليا للاحتلال الاستئناف الذي تقدم به حجازي بخصوص ملكية الأرض كدليل على استمرار تعنت محاكم اليهود في القضايا التي تضمن أطرافاً فلسطينية.
الجمعيات تبيع الأرض لشركة استيطانية وبدء عمليات الإخلاء
وفي تطور خطير ولافت لأحداث القضية قامت الجمعيات الاستيطانية ببيع حقوق ملكية الأرض إلى شركة تسمى "نحلات شمعون" الاستيطانية.
ومع مرور الوقت نظرت محاكم الاحتلال في عدة قضايا مقدمة من قبل الجمعيات الاستيطانية ضد أصحاب المنازل الفلسطينيين، والاستئنافات ضد القرارات الصادرة لصالح المستوطنين والمقدمة من جهة الأهالي، ولكن في نوفمبر/تشرين الثاني 2008 بدأ الاحتلال بإخلاء العائلات من منازلها حيث قام بطرد عائلة الكرد ثم تكرر المشهد مرة أخرى عندما تم طرد عائلتي حنون والغاوي من منزليهما، وانتقل مستوطنون يهود للعيش في هذه المنازل داخل الحي المقدسي بعد طرد أصحابها منها ليتم رفع الأعلام الصهيونية فوقها إيذاناً بالدخول في مرحلة جديدة من المواجهة مع الاحتلال مما زاد من معاناة أهالي الحي. وحتى اللحظة وصل عدد العائلات الفلسطينية المنذرة بالإخلاء من قبل حكومة الاحتلال اثنتي عشرة عائلة بقرارات صادرة عن محكمتي الصلح والمركزية اليهودية، وقرار المحكمة الأخير القاضي بإلزام الأهالي بالخروج من منازلهم وإخلائها لصلح اليهود كان السبب الرئيس في اشتعال الشارع الفلسطيني ووقوفه في وجه تمدد أطماع الاستيطان لدولة الاحتلال ما أدى لنشوب الحرب الأخيرة مع العدو التي استمرت لاثني عشر يوماً وخلفت دماراً كبيراً في قطاع غزة لكل معالم الحياة الإنسانية.
مراحل صمود عديدة مر بها أهالي حي الشيخ جراح كانوا بها على قلب الوطن فلسطين رغم كل ممارسات الاحتلال التي لا تمت للإنسانية بصلة فضلاً عن الحريات واغتصاب الأرض والحرمان من حقوق الإنسان لم يقنطوا أبداً بل استمروا بالمقاومة حتى الرمق الأخير.
رابط مختصر : https://refugeeacademy.org/post/68